رواية : بنات إيران
المؤلفة : ناهيد رشلان
الناشر : دار الكتاب العربي
عدد الصفحات : 153صفحة بالنسخة الإلكترونية.
لو طُلب مني أن ألخص الرواية في عبارة لقلت ( أزمة هوية ! ) , هذه المشكلة لاتتعلق ببنات إيران فحسب كماهو العنوان إنما تمتد لتشمل شرائح مختلفة ممن عانوا من غياب الهوية فباتوا يجترّون الماضي دون القدرة على استرجاعه من جهة والغوض في لجة الواقع دون القدرة على التقدم من جهة أخرى .
الرواية التي تعتبر سيرة ذاتية للمؤلفة ناهيد تصوّر من خلالها كم هو قاسٍ أن يتحول الإنسان إلى مجرد هدية! , محترم والدة ناهيد اضطرت إلى منح ابنتها لشقيقتها التي لاتنجب . فنشأت ناهيد في كنف الخالة مريم التي اعتبرتها والدة حقيقية قبل أن يقتلعها والدها من جذورها حين كانت في التاسعة من عمرها ليعيدها إلى العيش معهم , كانت هذه الحادثة بمثابة نقطة تحول في شخصيتها حيث لم تعد قادرة على العفو عن أمها والاندماج مع عائلتها , فأكسبها تمرداً في شخصيتها .
تعالج ناهيد في روايتها عدة مشكلات عايشتها من خلال تجربتها أو تجربة أفراد عائلتها , تتحدث عن شغفها بالقراءة والحلم الذي ظلت تناضل للحصول عليه ( السفر لأمريكا) , وولع شقيقتها بالتمثيل الذي كان محظوراً ولاتجد مبرراً للتناقض بين التشديد من قبل عائلتها على عدة أمور وبين عدم التزامهم بالتعاليم الدينية .
الأحداث السياسية ألقت بظلالها على حياة ناهيد, فالثورة الإيرانية وتبعاتها كانت حاضرة في فصول الرواية , وهي التي سرّعت من سفرها إلى أمريكا للدراسة .
ورغم الانبهار بالعالم الآخر إلا أنها كانت مشدودة إلى بيئتها بشكل أو بآخر , كثيراً مارددت أنها لم تجد تفسيراً لعدم قيامها في أمريكا بأمور كانت تتوق للقيام بها في إيران إلا أن الرقابة الأسرية والمجتمعية منعتها من القيام بها , لم تفصح ناهيد عن السبب إلا أن النزعة الدينية ربما كانت هي مايدفعها إلى ذلك حيث أشارت إلى تمللها من الحضور الإلزامي للكنيسة الذي كانت تفرضه الكلية , تتحدث عن المفارقة الغريبة حين طُلب منها من قبل إدارة الكلية بلبس الشادور كزي تراثي في أحد الحفلات وهي التي لم ترتدية حين كان مفروضاً في إيران فكيف إذن ترتدية في أمريكا!.
أزمة الانتماء التي عانت منها في طفولتها لازمتها في زواجها حين اقترنت بأمريكي يهودي , إلا أنها كثيراً ماكانت تقرّ أنها ليست أمريكية وفي نفس الوقت ليست إيرانية , حتى ابنتها التي اسمتها ” ليلى ” لم تكن قادرة على ربطها بجذور الاسم الذي اختارته لها.
الأحداث السياسية في الثمانينات كانت تزيد الهوّة بين أمريكا وإيران وكانت هي بالمقابل تحاول إعادة الصلة بعائلتها بعد أن دفعتها تجربة الأمومة إلى الصفح عن والدتها والاقتراب من أهلها .
تواصلها المستمر مع شقيقتها باري بمثابة الجسر الوحيد الموصل لإيران , تواصلهم لم يكن يخلو من تذمر باري من إخفاقاتها بعدم الحصول على حق حضانة ابنها من جهة وبين معاناتها مع أزواجها من جهة أخرى.
موت باري أوقد الحنين في قلب ناهيد للوطن فشدت الرحال للبحث عن تفاصيل الحكاية ولتحاول الإجابة عن السؤال الشائك هل انتحرت باري ؟ ومن أجل باري كانت هذه الرواية كما تقول ناهيد في نهايتها ( أجل ياعزيزتي باري , لأعيدك إلى الحياة كتبت هذا الكتاب ).