مدخل : نحن مسكونون بتتبع الأحداث شئنا أم أبينا , ” الإصدار الأخير للدكتور غازي القصيبي” كان وصفاً كافيا لدفعي لاقتناء أقصوصة الزهايمر ,المفارقة العجيبة أن المؤلف شدد في محتواها على هاجس ذكريات أول مرة و” آخر مرة” , فكانت الزهايمر ” آخر تجربة كتابية له”.
أقصوصة الزهايمر التي صدرت عقب وفاة مؤلفها تقع في 127ورقة من القطع المتوسط , وهي عبارة عن 12رسالة يكتبها يعقوب العريان ” بطل الرواية” لزوجته محاولاً من خلالها تلخيص يومياته مع مرض الزهايمر , يبعثها لها من امريكا حيث فضّل أن يواجه المرض بعيداً عن عائلته وبمشاركة شخصيات أخرى تعاني من ذات الداء.
من الممكن وصف الأقصوصة بـ “ التوعوية/التثقيفية ” أكثر من كونها عمل أدبي , حيث عمد فيها المؤلف إلى التعريف بالمرض وبتاريخه في الرسالة الثانية بعد أن بثّ في الرسالة الأولى مخاوفه ومشاعره الأوليّة التي أعقبت تشخيص حالته في محاولة منه للتخلص من أسر الأرقام قائلاً أنه ” أسوأ أسر يمكن أن يقع فيه انسان !“
تتوالى الرسائل لتتسع معرفة القاريء بتفاصيل المرض وشعور المصاب بالزهايمر حينما تبدأ ذكرياته بالتفلت منه ويحاول عبثاً جمعها!.
لايشرك يعقوب زوجته تفاصيل مرضه فقط إنما يشركها تفاصيل من معه في تجمع مرضى الزهايمر وقصصهم المضحكة المبكية في آن واحد , مستشهداً بمقولة رونالد ريجان ” هذا مرض جميل!, تقابل الأشخاص أنفسهم وتظن أنك ترى وجوهاً جديدة كل يوم!“
في ثنايا الرسائل يعرج على قضايا ذات حساسية تشغله كـ ” الاختلاط- مشاكل المراهقة- العرب واليهود والسياسة الامريكية ” وإن كان وجودها عرضياً إلا أن مجرد الإشارة لها يوحي بأن المريض لم ينفصل تماماً عن واقعه.
في الرسالة التاسعة يحاول يعقوب تسلية نفسه بذكر ايجابيات المرض في كونه طريقة مُثلى للتخلص من الذكريات السيئة التي ترافق المرء طيلة عمره , ولكنه يصاب بخيبة أمل فصديقه الزهايمر “ لايفرق بين شيء جيد وشيء سيء“.
ويكتشف القاريء من خلال الرسالة العاشرة أن أقصوصة الزهايمر ليست الإصدار الأول الذي يلقي الضوء على المرض وتفاصيل الآلام المرافقة له, حين نقل يعقوب لزوجته مقتطفات من كتاب الموت بسرعة بطيئة للروائية الأمريكية ايلينور كوني , عندما لخصت مشكلة الزهايمر” إذا كنت لاتصدق أن الزهايمر يعادل الموت فجرّب أن تعيش معه سنة ونصف السنة . إنه أسوأ من الموت .في الفترة الطويلة التي تسبق الموت يختفي المريض ويحل محله شخص آخر يدّعي أنه هو. وأنت عبر اللقاء اليومي الحميم مع المريض , تصبح نسخة مرعبة شاحبة من نفسك القديمة أنت , بدورك , تبدأ فقد ذاكرتك . أنت, بدورك تطوّر نوعاً من النسيان ذا طبيعة قاسية .لايعود بوسعك أن تتذكر الشخص الطبيعي , الشخص الذي عرفته قبل المرض.بطبيعة الحال , يمكنك أن تتذكر على نحو ما, ولكن الذكريات الحقيقية محجوزة خلف زجاج سميك لاتستطيع أن تخترقه لتصل إليها”
خاتمة الكتاب كانت رسالة من الدكتور جيمس ماكدونالد لزوجة يعقوب ينعى فيها زوجها بعد وفاته بنوبة قلبية حادة ليس لها علاقة بالمشكلة التي يعاني منها !. وهو الذي كان يفكر ” في الرسالة قبل الأخيرة” بقوة تقهر النسيان وتواجه القاتل المتلصص ” الزهايمر”.
ربما لم تكتمل رسائل يعقوب ولكن فكرة الأقصوصة قد اكتملت لتُمثل إهداءًا مناسباً إلى أصدقاء مرضى ” الزهايمر “.
قراءة ممتعة أرجوها لكم .
الله يعطيج العافيه هدى قراءة جميله جدا وننتظرمنك المزيد
حيّاك الله أ.حمد , بمشيئة الله , بين يدي كتاب حكايات كفاح سيكون تقريري القادم عنه , شكراً لك .
اللهم إنا نعوذ بك أن نُرد الى أرذل العمر
الزهايمر ذلك الموت والحياة فِي آن واحد تذكرت جدتّي رحمها الله,
قرائتك للزهايمر ممتعة جداً ياهُدى ..
ودّي
نعم ياشرنقة , هو الموت حين يُعاش !
رحم الله جدتك وكان الله في عون من يعاني من داء الزهايمر
وودي لك ولحضورك الزاهي .