يحدث أن يقع بين يديك كتاب تتمنى لو تشرك الجميع في قراءته، هذا الشعور لازمني أثناء قراءة رواية اللون أرجواني التي اقتنيتها من معرض الكتاب دون تخطيط مسبق ولم تكن على قائمتي الموضوعة مسبقاً. تذكرت حينما رأيت الغلاف التوصيات التي تتعلق به لذلك لم أتردد في اقتناءه.
الرواية التي كُتبت عام 1982 تندرج ضمن أدب الأقليات إن صح التعبير فهي تناقش قضايا السود والسلالات الأفريقية. بطلة الرواية سيلي التي تكتب رسائل مختلفة موجهه إلى الله تارة وإلى شقيقتها نيتي تارة أخرى. تسطر في رسائلها معاناتها وحيرتها (عزيزي الله، أنا في الرابعة عشرة من عمري، أنا فتاة صالحة لطالما كنت فتاة صالحة، فهلّا أرسلت إليّ إشارة تفسر ماألمّ بي !). يستهويني في هذا النوع من الروايات أنها مكتوبة بلغة بسيطة قريبة إلى القارئ ذكرتني بأسلوب رواية لاتقتل عصفوراً ساخراً.
الشخصية الرئيسية سيلي شخصية ضعيفة لم تستطع مواجهة الظلم الواقع عليها بدءًا من عائلتها إلى زوجها تصف في رسائلها تشجيع من حولها على المقاومة بغرابة( لكنها تصر على كلامها. عليكِ أن تناضلي عليكِ أن تناضلي. لاأعرف كيف أناضل كل ماأعرف القيام به هو البقاء على قيد الحياة) (قالت عليكِ أن تتصدي لهم ياسيلي لايمكنني أن أحارب نيابة عنكِ عليك خوض حربك بنفسك) (كل مابوسعي فعله هو التمنع عن البكاء، أجعل نفسي خشبة. أقول لنفسي سيلي أنت شجرة. وهكذا عرفت أن الأشجار تخشى الإنسان)۔
ولكن رغم سلبيتها لاتملك إلا أن تتعاطف معها وتجد لها مبرراً لعدم مقاومتها فهي لاتملك سوى الحد الأدنى من التعليم(قال أبي أنني خرقاء جداً ولاأصلح للذهاب إلى المدرسة) ولاتملك مقومات شكلية(جمالية) من شأنها أن تسهٌل حياتها في مجتمع سطحي كما يصفها والدها (إنها قبيحة لكنها معتادة على العمل الشاق ولها أن تتولى أمور التنظيف، الرب تولاها بأن صيّرها متاحة لأن تفعل بها مايحلو لك من دون تكبد عناء إطعام أو كسوة أطفال جدد).
لذلك كان من الغريب بالنسبة لها أن ترفض أمرأة كـ (صوفيا) الطريقة المهينة التي تُعامل بها وكأنما هذا قدر النساء الذي لايمكن الفكاك عنه (تعجبني صوفيا إلا أن تصرفاتها مغايرة تماماً لتصرفاتي إن دخل هاربو والسيد إلى الغرفة وهي تتكلم فإنها تواصل حديثها. إن سألاها عن مكان شيء ما تقول إنها لاتعرف وتواصل). بدأت سيلي بالثورة على وضعها من اللحظة المفصلية التي اكتشفت فيها رسائل شقيقتها التي خبأها زوجها وكانت هذه الرسائل بمثابة نافذة لاكتشاف العالم بصورة مغايرة.
الرواية تم تحويلها إلى فيلم عام 1985 قررت مشاهدته بعد قراءة الرواية على عكس ماكنت افعل سابقاً، الفيلم رائع وجميع الشخصيات أدت دورها باحترافية خاصة أوبرا في دور صوفيا. هناك بعض التفاصيل البسيطة التي تمت إضافتها في الفيلم مغايرة للرواية المكتوبة أضافت له الكثير ( مثل مشهد افتراق الشقيقات نيتي وسيلي والسؤال العالق لماذا؟ لماذا يحدث كل هذا؟).
اقتباسات:
لاأذكر أنني ارتديت يوماً شيئاً وكنت أول من يرتديه. لدي الآن ثياب صممت من أجلي فقط. حاولت أن أخبر كايت ماالذي يعنيه هذا تملكني الخجل وخانتني الكلمات.
سألت كورين لماذا يغني الناس المتعبون؟ قالت: لأنهم متعبون لدرجة لايستطيعون معها فعل أي شيء آخر.
كل شيء يود أن يكون محبوباً نحن نغني ونرقص ونصوغ تعابير بوجوهنا ونقدم باقات الورود في سعينا لأن نكون محبوبين. هل لاحظت يوماً أن الأشجار تقوم بكل شيء نقوم به للفت الانتباه، ماعدا المشي؟