نواقيس روما
رواية : نواقيس روما
المؤلف: جان دوست
عدد الصفحات: ٢٠٧
الطبعة: الأولى ٢٠١٦
تعتبر هذه الرواية تتمة لرواية عشيق المترجم وبمثابة جزء ثانٍ لها ومع ذلك لم تتم الإشارة لذلك في الغلاف، تدور أحداثها حول وصول المترجم عشيق برفقة فتيان اللغة إلى روما بغرض تعلم اللغات الإيطالية واللاتينية، وعلى خلاف الجزء الأول الذي تحدث فيه عن سير الرحلة فقط، يتناول المؤلف هنا التجربة كاملة.
تتكون الرواية من سبعة فصول، بدايتها عن الفتى الغريب(يونس) مدوّن الحكاية الذي اختاره المترجم من بعد عملية فرز لمجموعة من الخطاطين، والصدفة وحدها قادته لاختياره لاسيما وأنه لم يكن من ضمن المجموعة المختارة، وبعد أن استعرض المدون تاريخه، تحدث بإسهاب عن مواهبه في الخط والكتابة لاسيما معرفته بعلم( مراقي الحروف) والذي يعرّفه بقوله:( لكل حرف يامولاي حين تنطقه صفات خاصة به تختلف عن صفاته حين تدوٌنه. وهذه الصفات التي تختلف في النطق والتدوين هي التي نسميها مراقي الحروف).ثم يتحدث المترجم عن لحظاته الأولى في روما حين وجد نفسه غريباً حتى بين زملائه: ( غريباً كنت في أرض غريبة)،( كنت أنا الوحيد ذلك الطائر الحبيس الذي غدرت به الفخاخ فأوردته قفصاً سقفه نواقيسٌ وجدرانه صلبان وبابه موج البحر). كما استبدت به مشاعر الحنين لاسيما بعد المضايقات التي واجهها من عبدالله السروجي فكان يصفها: ( ألا توجد في هذا البلد مئذنة نحيلة، وحيدة مثلي تصدح بالتكبير يالله؟). لذلك اعتزم العودة لبلاده لاسيما مع سفر الراهب بولس عرَّاب رحلة التعلم لولا تدخل القس لوسيانو ومصارحته بالمخاوف التي تهجم عليه بين حينٍ وآخر فكان لابد عليه أن يحسم قراره بمواصلة تعليمه بعد نفحة الطمأنينة التي بثها خطاب القس.
مرحلة الحيرة والقلق لم تطل كثيراً سرعان ماألفّ المترجم المكان، ويصف هذه اللحظات بقوله:( أن من يلج كهفاً مظلماً لايتبين أي شيء للوهلة الأولى. إنه لايرى غير ظلام دامس فيشعر أنه أعمى فيتسمّر في مكانه لايعرف إلى أين يتجه ثم بعد أن تمضي فترة من الوقت تعلن الأشياء عن حضورها بما يتيحه قليل من نور الأبصار ورويداً رويداً يبدأ المرء بالتعرف إلى حدود الكهف جدرانه عمقه ارتفاع سقفه وكل مافيه حتى يتعود عليه ويألفه ويذهب عنه الوجل والتهيب).
ثم جذبته روما إليها ليصعب انتزاعه منها : ( إن المدن الكبيرة تسحر المرء فتراه يأنفها في البداية ويقلقه الشوق إلى موطنه لأنه يجهل سبلها ولايعرف لغة قاطنيها ويصعب عليه إقامة علائق مع ناسها. والإنسان بطبعه يتهيب مايجهله ولايأتلف مع الجديد لكنه بعد ذلك ينجذب إلى مغناطيس الحياة وفتنتهم فينسى ماكان فيه من شوق إلى أهله وحنين إلى بلاده).
كانت اللحظة المفصلية تتمثل في تلقيه خبر وفاة والدته في الغربة، تزعزعه آنذاك هوى به لمشاعر الحيرة مجدداً لتتطور حتى تصل إيمانه فما كان منه سوى ان اعتنق المسيحية وسط مباركة المدرسة التي يتعلم فيها، ومن ثم رفضه العودة إلى بلاده بعد انتهاءه من الدراسة في صورة من صور الانتقام من والده الذي ألقى به في غياهب الغربة، تتوالى الأحداث وتتعدد مهن وتجارب المترجم الذي نسي هدفه الأساسي. كما مرّ في تجارب وعلاقات متعددة وزواج لم يكتب له النجاح أنساه مؤقتاً حبه الأول لـ إستر، وبعد خمسون عاماً قضاها في الغربة ساق الله له راهبة جنويّة نُعتت بالجنون لتساعده في تعديل بوصلة رحلته عبر تساؤلها : ( إلى متى يحيل ابن الإنسان عجزه وخطاياه ودنس روحه إلى الرب؟ إلى متى يتخذ بنو آدم من الرب الطاهر النقي مشجباً لثيابهم القذرة؟ قل لي إلى متى ؟). نهاية رحلته كانت حزينة سعيدة في آنٍ واحد على قدر ألمه بالأطلال التي لم يجد سواها عند عودته بقدر ماكانت النهاية سعيدة في تلاقيه مع حبه الأول وبالفعل : ( لقد فات أوان كل شيء إلا أوان الحكايات).
ملاحظات:
تقييم الرواية ٤من ٥.
بعض التفاصيل كان يحيلها الكاتب إلى إصداره السابق وبالتالي كان الوصف فيها مجتزئاً لمن لم يقرأ الجزء الأول.
اقتباسات:
– الكتب سجونٌ تقيم فيها الأفكار والعلوم، لايحررها منها إلا المترجمون.
– إن للحنين طنيناً يسمعه المرء بقلبه ويأتي على غير ميعاد.
– إذا دام البلاء بالعبد ألفه، أي أن دوام الحال يجعل المرء يتعوّد عليه ويصبر على أذاه وتقوى لديه القدرة على تحمله. فكيف إذا دام الجمال بالمرء؟.
– العقل سراج أهداه الرب الحكيم لك وماعليك إلا أن تشعله لتتبين طريقك في الظلام.
– التردد لصٌ يسرق العمر.
– يرى النخلات فيتخيلها حروف ألف خطتها أناملُ مبتدئين في الكتابة فتناثر الحبر في أعلاها.
هذه المقالة كُتبت ضمن التصنيف
حياةُ أخرى. الوسوم:
جان دوست,
عشيق المترجم,
نواقيس روما. أضف
الرابط الدائم إلى المفضّلة.