السيرة الطائرة: أقل من عدو أكثر من صديق!

العنوان: السيرة الطائرة

المؤلف : إبراهيم نصر الله

الطبعة : الثالثة ٢٠١٢م

الناشر : الدار العربية للعلوم ناشرون

 

لم تكن سيرة ذاتية اعتيادية لأن المؤلف متعدد الاهتمامات ( كاتب، شاعر، مصور فوتوغرافي) وذلك من شأنه خلق تجربة ثرية، فكرة الكتاب تبلورت من محاولة الكتابة عن رحلته لكولومبيا إلا أن الدائرة اتسعت لتشمل عدة رحلات وتأثير السفر على تجربته الكتابيه.

يقدم المؤلف لكتابه بجملة تساؤلات عن روح العالم ذلك التساؤل الذي شغل الكثيرين, وأين يكمن؟ ليصل في النهاية إلى القول أن” روح العالم  نحن القادرين على أن نحب ما يستحق الحب وما يشبهه ويسكن فيه

كما يعرّف للكتاب بقوله: هذا الكتاب بقدر ما هو عن أسفار كثيرة فإنه عن ( السفر )، وعن بشر كثيرين إلا أنه عن ( الإنسان )، وعن كتب كثيرة إلا أنه عن ( الكتابة).

من المواضيع التي تضمنها الكتاب: الأشجار التي تتركها وراءك لن تتبعك، كيف أنجبت القصيدة رواية، عن آخر هو أنت، أقل من عدو، قريباً من الأرض، صباح جميل.

والممتع في هذه السيرة أنها غير خاضعة للتسلسل الزمني حيث ينتقل الكاتب بين عدة مدن ومواضيع مختلفة, ثمة مدن دُعي إليها لتقديم دراسات وثمة مدن زارها لتقديم أمسيات شعرية.

ويشدد نصر الله على كون السفر في حد ذاته نوع من أنواع القراءة بقوله:

ليس ثمة كتاب أكثر حياة

من مسافر يحتل المقعد الذي بجانبك 

أغلق الكتاب الذي في يديك

ما إن تلمحه مقبلا

ثمة صفحات( فيه) قد لا تستطيع قراءتها مرة أخرى

إن لم تقرأها الآن

ثمة صفحات فيه

قد تواصل قراءتها للأبد

كلما استعدت تلك اللحظات التي لن تعود

وعلى قدر ما يعتني نصر الله باختيار القصائد التي سيلقيها على الجمهور فإنه يحرص في كل أمسية أن يختار واحداً أو واحدة من الجمهور للقراءة له أو لها ويذكر أن هذا الأمر مرتبط بالحدس أكثر من أي شيء آخر. حيث اختار في أحدى أمسياته طفلة عمياء من الجمهور لم تتجاوز الثانية عشر وذلك لأنها “ كانت تحدق في الصوت مباشرة تحدق في القصائد رؤيا لرؤيا وللحظة بدا لي أنها الوحيدة التي ترانا كما لم يرنا أحد من قبل، الوحيدة التي تستمع إلينا كما لم يستمع أحد!“.

كما تحدث في كتابه عن المواقف الغريبة التي حدثت له في أسفاره ومنها على سبيل المثال حين التقى بالعربي الوحيد في بونافينتورا,  والذي اختار الإقامة هناك بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الغرق فنذر إن نجاه الله من هذا المحيط فإنه سيعطيه ما تبقى من حياته!.

والجميل أن المؤلف يحمل قضية فلسطين في أسفاره منافحاً عنها بكلماته ومواقفه ولعلّ هذا الموقف يختصر الكثير: حينما سأله أحد الحضور بفينيسيا عن وجه الشبه بين الشعر الفلسطيني والشعر الإسرائيلي؟!. فأجابه نصر الله: الشاعر الإسرائيلي يكتب شعره عن البيت الذي أخذه مني وأنا أكتب شعري عن بيتي الذي سأعود إليه.

هذه المقالة كُتبت ضمن التصنيف حياةُ أخرى. الوسوم: , , , , . أضف الرابط الدائم إلى المفضّلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.